احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

\"رائحة الريف\".


كلما رأيت بيدر قمح أو ذرة تحت هذه السماء الكبيرة، يهزني الحنين لتلك الليلة حينما كنت في طريقي لزيارة بيت جدي في أرياف الناصرية، كنت في مهتبل عمري، قليل التجربة، مسالماً كحمامة وكان بيت جدي بعيد جداً عن طريق السيارات بحيث توجب علي السير لمسافة طويلة على أقدامي حتى أستطيع الوصول اليه.
أدركني الغروب قبل أن أصل، فخشيت على نفسي من الكلاب السائبة والذئاب فتوجهت ناحية قرية قريبة كنت ألمح نيران (تنانيرها) تتوهج مع قرص الشمس الذائب..
كانت القرية تسمى قرية (آل بو جمعة)، رجالها ونسائها كانوا في حفلة حصاد مبهجة بحيث لم يبق أحد في البيوت سوى العجائز والأطفال وكانت بيادر القمح تشمخ كالجبال.
أخبرتهم أني بطريقي الى قرية (البيضان).
قالوا إن من المستحسن أن أبيت ليلتي عندهم الى الصباح فالطريق غير آمنة في الليل.
تعشيت مع الرجال المتعبين من جولة الشغل الشاقة والطويلة، وكانت الفتيات ينقلن لنا الطعام بصواني كبيرة. فتيات صهباوات لوحت بشراتهن الشمس والتراب، رشيقات وصلبات العود دائمات الابتسام رغم التعب الذي يعلو ملامحهن، إنتظرن حتى إنتهينا من طعامنا فجلسن بعيداً عنا على شكل حلقات يأكلن ويضحكن بخفوت.
حينما حان وقت النوم. توجه المتزوجون منهم الى زوجاتهم وبقيت مع العزاب حيث إخترت بقعة بعيدة عنهم نسبياً، فرشتها بالقش وأرخيت جسدي عليه وسرعان ما لفني الظلام فغفوت.
بعد منتصف الليل شعرت بدفء لطيف يلفني، واحدة من تلك الفتيات الصهباوات إنسلت الى جانبي وطوقتني بذراعيها والقمتني شفتيها بصمت تحت جنح الظلام.
لم نتحدث أو نهمس بكلمة أو نرى وجه بعضنا وسط ذلك الظلام الدامس، غرقنا بتلك اللذة العجيبة مذهولين من دعاء جسدينا حتى غادرت قبل بزوغ الفجر. 
في الصباح راحت عيناي تبحثان عنها بين جموع الفلاحات. لم أكن أعرف من تكون بينهن فهن جميعاً متشابهات وصلبات العود ويحملن الرائحة ذاتها
"رائحة الريف".

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق